وكتب إلى مجنتب الدولة بالمسير إلى الحضرة فوصلها وولي فلسطين ووصل إليها في يوم الثلاثاء من المحرم سنة ٤١٤ وبلغ حسان بن مفرج بن الجراح خبره فقلق له وتخوفه ثم علا ذكره وظهر أمره وكثرت عدته وعدته وقويت شوكته وجرت له وقائع مع العرب يستظهر فيها عليهم ويثخن فيهم فكبر بذلك شأنه ثم حسد وسعي فيه إلى الحضرة وكوتب الوزير حسن بن صالح في بابه بأمر قرره حسان بن مفرج بن الجراح ونسب إليه كل قبيح ومحال فاستؤذن في القبض عليه فأذن في ذلك فقبض عليه بعسقلان بحيلة دبرت له في سنة ٤١٧ وسأل فيه سعد السعداء فأجيب سؤاله لجلالة مكانه وأطلق من الاعتقال ووصل إلى الحضرة وحسنت حالته وظهرت هيبته وظهرت هيئة اقطاعه وغلمانه ودوابه وهو مع ذلك ينفذ رسله إلى الشام وسائر الأعمال وتأتيه بالأخبار ويطالع بها فكثر تعجب الوزير من يقظته ومضاء همته وعزيمته. وكانت العرب بعده قد استولت على الأعمال وأفسدت الشام وملك حسان املاك الملاك واتفق الخلف الجاري بين أرباب الدولة عقيب وفاة الحاكم وترافع القواد والولاة إلى أن تقررت الحال على صرف الوزير وتقليد الوزارة لنجيب الدولة علي بن أحمد الجرجرائي فنظر في الأعمال وهذب ما كان مستوياً عليها من الاضاعة والاهمال. واقتضت الآراء وصواب التدبير تجريد العساكر المصرية إلى الشام ووقع الاختيار في ذلك على الأمير منتجب الدولة فاستدعاه الوزير علي بن أحمد الجرجرائي وقال له: ما تحتاج إليه لخروجك إلى الشام ودمشق. فقال: فرسي البرذعية وخيمة استظل بها. فعجب الوزير من مقاله واستعاد فرسه المذكورة من سعيد السعداء وردها إليه وأطلق له خمسة آلاف دينار وأصحبه صدقة بن يوسف الفلاحي ناظراً في الأموال ونفقة الرجال وجردت العساكر معه ولقب بالأمير مظفر منتجب الدولة وخلع عليه وخرج إلى مخيمه وحملة من جرد معه سبعة ألف فارس وراجل سوى العرب وسار في ذي القعدة.... وودعه الامام الظاهر لاعزاز دين الله وعيد بالرملة عيد النحر وسار إلى بيت المقدس وجمع العساكر وقصد صالح بن مرداس وحسان بن مفرج وجموع العرب عند معرفته بتجميعهم ووقع اللقاء في القحوانة والتقى الفريقان فهزمت جموع العرب وأخذتهم السيوف وتحكمت فيهم. وكان صالح ابن مرداس على فرسه المشهور فوقف به من كد الهزيمة ولم ينهض به فلحقه رجل من العرب يعرف بطريف من فزارة فضربه بالسيف في رأسه وكان مكشوفاً فصاح ووقع ولم يعرفه وتم في طلب فرسه فمر به رجل من البادية فعرفه فقطع رأسه وعاد يرقص به فلقيه الأمير عز الدولة رافع فأخذه منه وجاء به إلى الأمير المظفر فلما رآه نزل عن فرسه وسجد لله شكراً على ما أولاه من الظفر وركب وأخذه بيده وجعله على ركبته وأطلق للزبيدي الذي جاء به ألف دينار ولعز الدولة رافع خمسة آلاف دينار وأطلق لطريف الذي ضربه بالسيف فرسه وجوشنه وألف دينار وأخذ الغلمان الأتراك الذين لصالح لنفسه وأحسن