للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما بغدوين فإنه لما عاد من صيدا قصد عسقلان وغار عليها وكان واليها المعروف بشمس الخلافة يراسل بغدوين فاستقرت الحال بينهما على مال يحمله إليه ويرحل عنه ويكف الأذية عن عسقلان وكان شمس الخلافة أرغب في التجارة من المحاربة ومال إلى الموادعة والمسالمة وإيمان السابلة وقرر على أهل صور سبعة آلاف دينار تحمل إليه في مدة سنة وثلاثة شهور وانتهى الخبر بذلك إلى الافضل صاحب مصر في شوال فأنكر هذه الحال وأسرها في نفسه ولم يبدها لأحد من خاصته وجهز عسكراً كثيفاً إلى عسقلان مع وال يكون مكان شمس الخلافة. فلما قرب من عسقلان وعرف شمس الخلافة ذاك أظهر الخلاف على الأفضل وجاهر بالعصيان عليه وأخرج من كان عنده من العسكرية لخوفه من تدبيرهم عليه من الأفضل لما يعلمه من الأمور التي أنكرها عليه ونقمها منه ومراسلته لبغدوين يلتمس منه المصافاة والمعونة بالرجال والغلال وإن دهمه أمر وحزبه خطب سلم إليه عسقلان فطلب منه العوض عنها. فلما عرف الأفضل ذلك أشفق من تمام هذا الأمر فكاتبه بما يطيب نفسه وغالطه وأقطعه عسقلان وأقر اقطاعه بمصر عليه وأزال الاعتراض لشيء من ماله في ديار مصر من خيل وتجارة وأثاث وخاف شمس الخلافة من أهل البلد فاستدعى جماعةً من الأرمن فأثبتهم في عسقلان ولم يزل على هذه الحال إلى آخر سنة ٥٠٤ فأنكر أمره أهل البلد ووثب عليه قوم من كتامة وهو راكب فجرحوه وانهزم إلى داره فتعبوه وأجهزوا عليه ونهبوا داره وماله وتخطفوا بعض دور الشهود والعامة وانتهى الخبر إلى صاحب السيارة فبادر إلى البلد فأطاع أمره من به وأنفذوا رأسه إلى الأفضل إلى مصر وأنهوا جلية حاله فحسن موضع ذلك منه وموقعه وأحسن إلى الواردين بهذه البشرى ثم تقدم بمطالبة القوم القاتلين بما نهبوه من داره واستولوا عليه من ماله ومال أهل البلد