للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واعتقالهم وقبض جماعة من أهل البلد وحملهم إلى مصر ولما وصلوا اعتقلوا فيها وفي هذه السنة هبت بمصر وأعمالها ريح سوداء وطلع سحاب أسود أخذ بالأنفاس وأظلمت منه الدنيا حتى لم يبصر أحد يده والريح تسقي الرمل في مقل الناس ووجوهم حتى يئسوا من الحياة وأيقنوا بالبوار بهول ما عاينوه والخوف مما نزل بهم ولما تجل ذلك السواد عاد إلى الصفرة والريح بحالها ثم انجلت الصفرة وظهرت الناس الكواكب وظن أهل تلك الأعمال بأن القيامة قد قامت وخرج الناس من منازلهم وأسواقهم إلى الصحراء وركدت الريح وأقلع السحاب وعاد الناس إلى منازلهم سالمين من الأذى وكانت مدة هذه الشدة منذ صلوة العصر إلى صلاة المغرب وفيها وصل السلطان غياث الدنيا والدين محمد بن ملك شاه من همذان إلى بغداد في جمادى الأولى منها ووردت الكتب والرسل إليه من الشام بانهاء الحال وما جرى من الافرنج بعد عودهم عن الفرات ونوبة صيدا والأثارب وأعمال حلب. ولما كان أول جمعة من شعبان حضر رجل من الأشراف الهاشميين من أهل حلب وجماعة من الصوفية والتجار والفقهاء إلى جامع السلطان ببغداد فاستغاثوا وأنزلوا الخطيب عن المنبر وكسروه وصاحوا وبكوا لما لحق الاسلام من الافرنج وقتل الرجال وسبي النساء والأطفال ومنعوا الناس من الصلاة والخدم والمقدمون يعدونهم عن السلطان بما يسكنهم من انفاذ العساكر والانتصار للاسلام من الافرنج والكفار وعادوا في الجمعة الثانية المصير إلى جامع الخليفة وفعلوا مثل ذلك من كثرة البكاء والضجيج والاستغاثة والنحيب.