للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه ونهج السبيل المرضية في بسط المعدلة والنصفة في الكافة وأزال بحسن سياسته عنهم أسباب الوجل والمخافة فذاك الظن في مثله والمرجو من سداده وجميل فعله وإن عدل عن ذاك إلى غيره وحاد عن ما يؤثر من السداد في سره وجهره فها هو متشاهد لهذه الحال ومتوقع لمثل هذا المآل فقال: بل أوفى على المراد ولا أتعدى سبيل السداد والرشاد فوكد الأمر عليه في ذلك تأكيداً فهمه منه وقبله عنه ثم توفي إلى رحمة الله ضحى نهار يوم السبت لثمان خلون من صفر من السنة فأبكى العيون ونكأ القلوب وفت في الأعضاد وفتت الأكباد واشتد الأسف لفقده والجزع عليه ولم يسمع إلا متفجع له وذاكر لجميل أفعاله وشاكر لأيامه. وقام ولده تاج الملوك بوري بالأمر من بعده وأحسن السيرة في خاصه ورعيته وجنده فلو كانت مجاري الأقدار تدفع إليه عن ذوي المناصب والأخطار لكان هذا الأمير السعيد الفقيد أحق من تخطأ به المنايا ولم تلم بساحته الرزايا وأبقته الأيام لها رتبةً تتباهى بها وحليةً تتنافس بها إلا أن الله تعالى لا يغالب أمره ولا يدافع حكمه ولا بد من تمام ما سبق به علمه وحدوث ما تقرر نفاذه في خلقه لأن الموت غاية الحيوان ونهاية ما يكون من مصير الانسان. وقد كان هذا الأمير السعيد قد بالغ في استعمال العدل والكف عن الظلم وأعاد على جماعة من الرعية أملاكاً في ظاهر البلد جمةً دائرةً أغتصبت منهم في زمن الولاة الظالمة وقبضت عنهم في زمن العتاة الجبابرة وجرت عليهما أحكام المقاسمة وعتت الأيدي العادية الغاشمة فأعادها إلى خراجها القديم المستقر ورسمها السالف المستمر ورفع عنها مواد الجور والعدوان وحسم عن مالكيها أسباب التأول في كل مكان وأوان فأحرز بذاك صالح الدعاء وجميل الشكر والثناء