من الناس من الخوف فلما نظرت الدبادبة ممن كان على السطح انحدر العسكر وقد علت الأصوات بالنفير فلما سمع الناس النفير بادروا الخروج بالسلاح التام وعدد الحرب وآلاتها وخرج قوم بمثل حربة وعصاً وفاس وكساء ومقلاع وحمر عليها حجارة واشتد الناس في القتال ونزل القائد أبو محمود في عسكره فضرب في الميدان خيمةً وأصبح الناس في شدة عظيمة وبلية هائلة وظهروا من البلد وقد تبعهم الخلق الكثير من الأخيار والمستورين يطلبون من الله تعالى الفرج فلما قربوا من عسكر المغاربة صاح نفر منهم فنفرت من الصياح خيل هناك فقيل لهم: أشراف البلد يريدون الوصول إلى القائد. فأذن لهم فلما حضروا لديه وسلموا عليه أحسن الرد عليهم وبش بهم وقال: ما حالكم وما الذي جاء بكم. فشكوا إليه أحوالهم والاضرار بهم والمضايقة لهم وخضعوا وذلوا له ولطفوا به فقال. ما نزلت في هذا المكان لقتالكم وانما نزلت لأرد هؤلاء الكلاب المفسدين عنكم يعني أصحابه وما أوثر قتال رعية. فشكروه ودعوا له وأثنوا عليه وانصرفوا عنه مستبشرين بما سمعوه منه وجاءوا إلى خيمته واختلطوا بأصحابه وقد خف الخوف والوجل عنهم. ودخلت المغاربة البلد لقضاء حوايجهم وعاد القائد أبو محمود في عسكره إلى الدكة منزله. وولي الشرطة لرجلين يقال لأحدهما حمزة المغربي والآخر يقال له ابن كشمرد من
الأخشيدية فدخل في جمع كثير من الخيل والرجالة فطافا في البلد بالملاهي والزفن وجلسا في مجلس الشرطة وطاف في الليل جماعة من الرجال بالعدد والسلاح ممن يريد الفساد وإثارة الفتن ووجد الطائف الدروب قد ضيقت