فشكا ذلك إلى القائد أبي محمود فشق هذا الأمر عليه وضاق له صدره. فلما كان في بعض الليالي اجتاز الطائف في ناحية المحاملين على جسر المصلى يريد باب الصغير في جمع وافر ووصل إلى سوق الغنم فوجد درب سوق الغنم مسدوداً فعظم ذلك عليه وغضب لأجله وعاد إلى ورائه منكفئاً حتى دخل من ناحية البطاطين فشكا إلى أبي محمود فقال: إن القوم على ما هم عليه من العصيان والخلاف. وكثرت الأقوال في مجلسه ولم يكن صاحب رأي سديد ولا تدبير حميد ولا حسن سياسة واستدعى مشايخ البلد إليه فدخلوا عليه فتواعدهم وأغلظ القول لهم وقال: إن لم يفتح هذا الباب والا وأنتم مقيمون على الخلاف والعصيان. فقالوا: أيها القائد لم يسد هذا الباب لعصيان ولا خلاف وانما كان سده بحيث لا يدخل منه من لا يعلمه القائد ولا يوثره من أهل الفساد ومن يوثره إثارة الفتنة والعناد. فقال: قد أمهلتكم ثلاثة أيام وإن لم يفتح هذا الباب لأركبن إليه ولأحرقنه ولأقتلن كل من أصادفه فيه. فقالوا: نحن نطيع أمرك ولا نخالفه إذا استصوبت ذلك. وخرجوا من عنده متحيرين في أمرهم ولا يعلمون كيف يسوسون جهلة الناس وأمور السلطان. فصاروا إلى باب الصغير واجتمع إليهم أهل الشرة وغيرهم وفيهم المعروف بالمارود راس شطار الأحداث وأحاطوا بهم وسألوهم عن حالهم فأعادوا عليهم ما سمعوه من القائد أبي محمود بسبب سد الباب فقال بعضهم: يفتح ولا يجري مثل ما جرى أولاً فنخرب البلد.