ولم يزل مقيماً إلى أن تسهل مسيره فعاد منكفئاً سنة ٢٨ في يوم السبت لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول منها
وفي ذي الحجة منها وردت الأخبار بوصول عسكر وافر من التركمان إلى ناحية الشمال وإنهم غاروا على طرابلس وأعمالها من معاقل الافرنج فظفروا بخلق كثير منهم قتلاً وأسراً وحصل لهم من الغنائم والدواب الشيء الكثير وإن صاحب طرابلس قنض طلولاً بن بدران الصنجيلي خرج إليهم فيمن حشده من أعماله ولقي عسكر التركمان فكسروه وأظفرهم الله بحشده المفلول وجمعه المخذول وقتل أكثر رجاله وحل حماته وأبطاله وانهزم في نفر قليل من الحصن المعروف ببعرين فالتجأوا إليه وتحصنوا به ونزل عسكر الأتراك عليه وأقاموا محاصرين له أياماً كثيرة حتى نفد ما فيه من القوت والماء بحيث هلك منهم ومن خيلهم الأكثر فاعملوا الحيلة واستغنموا الغفلة وانتهزوا الفرصة وخرجوا في تقدير عشرين مع المقدم فنجوا ووصلوا إلى طرابلس. وكاتب ملك بنض طلولا صاحبها ملك الافرنج بعكا يستصرخ به وبمن في أعماله ويبعثهم على نصرته فاجتمع إليه من الافرنج خلق كثير ونهضوا إلى التركمان لترحيلهم عن حصن بعرين واستنقاذ من بقي فيه منهم فلما عرفوا عزمهم وقصدهم زحفوا إلى لقائهم فقتلوا منهم جمعاً كثيراً وأشرف التركمان على الظفر بهم والنكاية فيهم لولا إنهم اندفعوا إلى ناحية رفنية فاتصل بهم رحلهم عنها وعودهم على طريق الساحل فشق ذلك عليهم وأسفوا على ما فاتهم من غنائمهم وتفرقوا في أعمالهم