صاحبها ووصلت رسله لتقرير الأمر فصادفوا الحال بالضد والتدبير بالعكس إلا إنهم أكرموا وبجلوا وأحسن إليهم وأعيدوا بأجمل جواب وألطف خطاب وأعلم عماد الدين جلية الحال واتفاق الكلمة في حفظ الدولة والذب عن الحوزة والبعث على اجمال الرعاية والعود على أحسن نية فلما انتهى إليه الجواب ووقف عليه لم يحفل به ولا أصاخ إلى استماعه فأوهمته نفسه بالطمع في ملكة دمشق ظناً منه بأن الخلف يقع بين الأمراء والمقدمين من الغلمان فكان الأمر بخلاف ما ظن وواصل الرحيل وأغذاذ السر إلى أن وصل إلى ظاهر دمشق وخيم بأرض عذراء إلى أرض القصير في عسكر كثيف الجمع عظيم السواد في أوائل جمادى الأولى في سنة ٥١٩. وقد كان التأهب له مستعملاً عند ورود أخبار عزيمته وأجفلت الضياع وحصل أهلها في البلد ووقع الاستعداد لمحاربته واللقاء عند منازلته والاجتماع على صده ودفعه ولم تزل الحال على هذه القضية والانتصاب بإزائه على هذه السجية وقد أشعرت النفوس من شدة البأس والصبر على المراس للقائه والتأهب لزحفه ودنوه من البلد وقربه وقد كان رحل عن عذارء ونزل تحت العقبة القبلية وكان يزحف في عسكره وقد فرقه في عدة مواضع كالمراكب حتى تقرب من البلد فيشاهد كثرة من يخرج من البلد والعسكرية وأحداث الرعية بالسلاح الشاك وامتلأ المصلي وسائر الأماكن والكمناء في جميع المسالك ما يروعه ويصده عن الزحف وفي كل يوم يصل من مستأمني عسكره جملة وافرة مع ما ينهب من خيولهم ويقلع من فوارسهم فلما طالت الأيام عليه ولم يحصل على طائل مما حاول ولا مرام راسل في طلب الصلح والدخول في طاعته والتمس خروج الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك إليه لوطء بساط ولد السلطان الواصل معه ويخلع عليه ويعيده إلى بلده وأجمل الخطاب في ذلك والوعد فلم يجب إلى خروج شهاب الدين وتقررت الحال