ثم تناصرت الأخبار بعد ذلك من ناحية المغرب بظهور أحد تلامذة المذكور يعرف بالفقيه عبد المؤمن فلقب بالمهدي أمير المؤمنين وخليفة المهدي إلى سبيل الموحدين واجتمع إليه مع من كان في حزبه من طوائف السوس والبربر والمصامدة والمرابطين والملثمين ما لا يحصى له عدد ولا يدرك أمد وشرع في سفك الدماء وافتتاح البلاد المغربية بالسيف والقتل لمن بها من الرجال والحرم والأطفال ما شاعت به الأخبار وانتشر ذكره في سائر الأقطار. ووردت مكاتبات السفار والتجار ومن جملتها كتاب وقفت عليه من هذا الخارجي ما نسخة عنوانه: من أمير المؤمنين وخليفة المهدي إلى سبيل الموحدين إلى أهليه. بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين. أما بعد: يا عضد الفجار وعباد الفساق الأشرار فقد كاتبناكم بالبنان وخاطبناكم بالبيان حتى سار كالبدر واستمر مرور الدهر فلم تجيبوا ولا أطعتم بل تثاقلتم عن الحق وعصيتم وإن الله سينتقم منكم لأوليائه نقمة من كان قبلكم من الأمم الجاحدة والفرق المعاندة فانتظروا سيف الدم ينهلكم وحجارة المدر تدمغكم ثم لا يكون لكم استرجاع ولا يقبل فيكم استشفاع وهذه خيل الله قد أظلتكم وبلها وطمى عليكم سيلها فتأهبوا للموت والسلام على من اتبع الهدى هداه ولم يغلب عليه هواه ورحمة الله وبركاته