واجماعهم مع من كان بها من الافرنج ويقال إنهم بعد ما فني منهم بالقتل والمرض والجوع تقدير مائة ألف عنان وقصدوا بيت المقدس وقضوا مفروض حجهم وعاد بعد ذلك من عاد إلى بلادهم في البحر. وقد هلك منهم بالموت والمرض الخلق العظيم وهلك من ملوكهم من هلك وبقي المان أكبر ملوكهم ومن هو دونه واختلفت الآراء بينهم فيما يقصدون منازلته من البلاد الاسلامية والأعمال الشامية إلى أن استقرت الحال بينهم على منازلة مدينة دمشق وحدثتهم نفوسهم الخبيثة بملكتها وتبايعوا ضياعها وجهاتها. وتواصلت الأخبار بذلك وشرع متولي أمرها الأمير معين الدين أنر في التأهب والاستعداد لحربهم ورفع شرهم وتحصين ما يخشى من الجهات وترتيب الرجال في المسالك والمنافذ وقطع مجاري الميرة إلى منازلهم وطم الآبار وعفى المناهل وصرفوا أعنتهم إلى ناحية دمشق في حشدهم وحدهم وحديدهم في الخلق الكثير على ما يقال تقدير الخمسين ألف من الخيل والرجل ومعهم من السواد والجمال والأبقار ما كثروا به العدد الكثير ودنوا من البلد وقصدوا المنزل المعروف بمنازل العساكر فصادفوا الماء معدوماً فيه مقطوعاً عنه فقصدوا ناحية المزة فخيموا عليها لقربها من الماء وزحفوا إليه بخيلهم ورجلهم. ووقف المسلمون بإزائهم في يوم السبت السادس من شهر ربيع الأول سنة ٤٣ ونشبت الحرب بين الفريقين واجتمع عليهم من الأجناد والأتراك القتال وأحداث البلد والمطوعة والغزاة الجم الغفير واشتجر القتل بينهم واستظهر الكفار على المسلمين بكثرة الأعداد والعدد وغلبوا على الماء وانتشروا في البساتين وخيموا فيها وقربوا من البلد وحصلوا منه بمكان لم يتمكن أحد من العساكر قديماً ولا حديثاً منه.