ووردت الأخبار من ناحية عسقلان في يوم الخميس العاشر من المحرم بظفر رجال عسقلان بالافرنج المجاورين لهم بغزة بحيث هلك منهم العدد الكثير وانهزم الباقون. وفي ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من المحرم من أواخر نيسان أرسل الله تعالى غيثاً هطالاً مجللاً بالرعود والبروق المتتابعة ما زادت معه مياه بردى زيادةً وافرةً وتصندل لون مائها بمسايل الأدوية والجبال وانتفعت به زراعات السقي والبعول نفعاً ظاهراً وفي النصف من شهر أيار من صفر سنة ٤٧ كان من زمجرة الرعود وتتابع البروق والأمطار في عدة جهات ما زادت به الأنهار وسالت معه شعاب الجبال والأودية. وفي وقت العصر من يوم الأحد الثاني والعشرين من أيار والعشرين من صفر من السنة نشأت غمامة برعود مجلجلة هائلة متتابعة لا تقتر مزعجة ثم انهلت بوابل هطال جود بالمطر إلى آخر النهار ثم أقبلت بردى بالليل بالسيل الزائد المتغير اللون بماء الجبال المختلف بحيث أفعمت الأنهار والسواقي والمجاري واحمرت أماكنها وصادفت طرحات الزرع والكداسة فغيرت الشعير وصفرته وسكنت بقدرة الله ونفع من نشأتها ثم حضر من شاهد هذا العارض وحكى أنه كان من البرد الكبار ما حدثه بحيث أفسد من المواشي الكثير وهدم بعض دور الغوطة وصار الماء في الحقول راكداً وسانحاً بالأنهار المغدقة وحكى الحاكي أن هذا لم ير مثله في الأزمان
وفي أواخر صفر سنة ٤٧ توجه مجير الدين في العسكر ومعه مؤيد الدين الوزير إلى ناحية حصن بصرى ونزل عليه محاصراً لسرخاك واليه مضايقاً لأهليه لمخالفته لأوامره ونواهيه وجوره على أهل الضياع الحورانية واعتدائه عليهم والزامهم ما لا طاقة لهم به واستدعى المنجنيقات وآلة الحرب لمنازلتها. واتفق لمجير الدين المصير إلى صرخد لمشاهدته واستأذن مجاهد الدين واليه في ذلك فقال له: هذا المكان بحكمك وأنا فيه من قبلك.