وغلا سعر الأقوات لانقطاع الواصلين بالغلات ووصل نور الدين في عسكره إلى شيركوه في يوم الأحد الثالث من صفر وخيم بعيون الفاسريا عند دومة ورحل في الغد ونزل بأرض الضيعة المعروفة ببيت الآبار من الغوطة وزحف إلى البلد من شرقيه وخرج إليهم من عسكريته وأحداثه الخلق الكثير ووقع الطراد بينهم ثم عاد كل من الفريقين إلى مكانه ثم زحف يوماً بعد يوم. فلما كان يوم الأحد العاشر من صفر للأمر المقدر المقضي والأمر الماضي وسعادة نور الدين الملك وأهل دمشق وكافة الناس أجمعين باكر الزحف وقد احتشد وتهيأ لصدق الحرب وظهر إليه العسكر الدمشقي على العادة ووقع الطراد بينهم وحملوا من الجهة الشرقية من عدة أماكن فاندفعوا بين أيديهم حتى قربوا من سور باب كيسان والدباغة من قبلي البلد وليس على السور نافخ ضرمة من العسكرية والبلدية لسوء تدبير صاحب الأمر والأقدار المقدرة غير نفر يسير من الأتراك المستحفظين لا يؤبه لهم ولا يعول عليهم في أحد الأبراج. وتسرع بعد الرجالة إلى السور وعليه امرأة يهودية فأرسلت إليه حبلاً فصعد فيه وحصل على السور ولم يشعر به أحد وتبعه من تبعه واطلعوا علماً نصبوه على السور وصاحوا أصحاب نور الدين يا منصور وامتنع الأجناد والرعية من الممانعة لما هم عليه من المحبة لنور الدين وعدله وحسن ذكره وبادر بعض قطاعي الخشب بفأسه إلى الباب الشرقي فكسر إغلاقه وفتح فدخل منه العسكر على رغب وسعوا في الطرقات ولم يقف أحد بين أيديهم وفتح باب توما أيضاً ودخل الناس منه. ثم دخل الملك نور الدين وخواصه وسر كافة الناس من الأجناد والعسكرية لما هم عليه من الجوع وغلاء الأسعار والخوف من منازلة الافرنج الكفار