وكان مجير الدين لما أحس بالغلبة والقهر قد انهزم في خواصه إلى القلعة وأنفذ إليه وأومن على نفسه وماله وخرج إلى نور الدين فطيب نفسه ووعده الجميل ودخل القلعة في يوم الأحد المقدم ذكره. وقد أمر نور الدين في الحال بالمناداة بالأمان للرعية والمنع من انتهاب شيء من دورهم وتسرع قوم من الرعاع والأوباش إلى سوق علي وغيره فعاثوا ونهبوا وأنفذ المولى الملك نور الدين إلى أهل البلد بما طيب نفوسهم وأزال نفرتهم. وأخرج مجير الدين ما كان له في دوره بالقلعة والخزائن من المال والآلات والأثات على كثرته إلى الدار الأتابكية دار جده وأقام أياماً ثم تقدم إليه بالمسير إلى حمص في خواصه ومن أراد الكون معه من أسبابه وأتباعه بعد أن كتب له المنشور باقطاعه عدة بأعمال حمص برسمه ورسم جنده وتوجه إلى حمص على القضية المقدرة. ثم أحضر بعد غد ذلك اليوم أماثل الرعية من الفقهاء والتجار وخوطبوا بما زاد في إيناسهم وسرور نفوسهم وحسن النظر لهم بما يعود بصلاح أحوالهم وتحقيق آمالهم فأكثر الدعاء له والثناء عليه والشكر لله على ما أصاروه إليه. ثم تلا ذلك إبطال حقوق دار البطيخ وسوق البقل وضمان الأنهار وأنشأ بذلك المنشور وقرئ على المنبر بعد صلاة الجمعة فاستبشر الناس بصلاح الحال وأعلن الناس من التناء والفلاحين والحرم