المسارعة إلى قتل الجناة في الوقت والساعة وإقامة ولد الظافر عيسى وهو صغير يناهز ثلاث سنين ولقبوه الفائز بنصر الله وأخذ له البيعة على الأجناد والعسكرية وأعيان الرعية على جاري العادة والعادل عباس الوزير وإليه تدبير الأمور واستمرت الأحوال على المنهاج ثم ورد الخبر بعد ذلك بأن الأمير فارس المسلمين طلائع بن رزيك وهو من أكابر الأمراء المقدمين والشجعان المذكورين لما انتهى إليه الخبر وهو غائب عن مصر قلق لذاك وامتعض وجمع واحتشد وقصد العود إلى مصر فلما عرف عباس الوزير بما جمع خالف الغلبة والاقدام على الهلكة إذ لا طاقة له بملاقاته في حشده الكثير ولم يمكنه المقام على الخطار بالنفس فتأهب للهرب في خواصه وأسبابه وحرمه ووجوه أصحابه وما تهيأ من ماله وتجمله وكراعه وسار مغذاً. فلما قرب من أعمال عسقلان وغزة ظهر إليه جماعة من خيالة الافرنج فاغتر بكثرة من معه وقلة من قصده فلما حملوا عليه فشل أصحابه وأعانوا عليه وانهزم أقبح هزيمة هو وولد له صغير وأسر ابنه الكبير الذي قتل ابن السلار مع ولده وحرمه وماله وكراعه وحصلوا في أيدي الافرنج ومن هرب لقي من الجوع والعطش ومات العدد الكثير من الناس والدواب ووصل إلى دمشق منهم من نجاه الهرب على أشنع صفة من العدم والعري والفقر في أواخر شهر ربيع الآخر من السنة وضاقت صدور المسلمين بهذه المصيبة المقضية بيد الافرنج فسبحان من لا يرد له قضاء ولا محتوم أمر