الفتكين به فأشار باخراج القايد جوهر إليه مع العساكر فأمر بالشروع في ذلك وترتيب الأمر فيه. وعرف الفتكين ذلك وما وقع العزم عليه فجمع وجوه أهل دمشق وأشرافها وشيوخها وقال لهم: قد علمتم انني لم أتوسطكم وأتولى تدبيركم إلا عن رأيكم ومرادكم وقد طلبني من هذا السلطان ما لا طاقة لي به وأنا منصرف عنكم وداخل إلى بلاد الروم وعامل على طلب موضع أكون فيه واستمد ما أحتاج إليه منه لئلا يلحقكم بقصد من يقصدكم ما يثقل به الوطأة عليكم وتصل به المضرة إليكم. وكان أهل دمشق يأبون المغاربة لمخالفتهم لهم في الاعتقاد ولأنهم أمويون ولقبح سيرة الناظرين الذين كانوا عليهم
فقالوا: أما أخبرناك لرئاستنا وسياستنا على أن نمكنك من تركنا ومفارقتنا أو نالوك جهداً من نفوسنا ومساعدتنا! ونفوسنا دونك وبين يديك في المدافعة عنك. وجددوا له التوثقة على الطاعة والمناصحة. وفصل جوهر في العسكر الكثيف من مصر بعد أن استصحب أماناً من العزيز بالله لا لفتكين وخاتماً ودستاً من ثيابه وكتاباً إليه بالعفو عنه وعما فرط منه فلما حصل بالرملة كاتب الفتكين بالرفق والملاطفة وأن يبلغ له ما يريده وأعلمه ما قرره له مع العزيز بالله وأخذه أمانه الموكد والتشريف الفاخر وأشار عليه في أثناء ذلك بترك اثارة الفتنة وأن يطلب صلاح الحال من جهته وأقرب طرقه. فلما وصل الكتاب إليه ووقف عليه أجابه عنه بالجميل من الجواب والمرضي من الخطاب والشكر على ما بذله له من نفسه وغالطه في المقال واحتج عليه بأهل دمشق فيما يصرف رأيه