وفي الوقوف بعرفة يلتقي المسلمون في مؤتمر عام على قلب واحد يناجون ربًّا واحدًا، عرايا متجردين من الأعراض والأغراض لينالوا رحمة ربهم ورضوانه، ومتذكرين بهذا الموقف الصغير يوم الحشر الأكبر بلا معين ولا سند، أو بلا سلطان ولا ولد، أو بلا قوة ولا جاه ولا حسب، ليعدوا عدة لهذا الموقف العظيم، ومن أبرز خصائص هذا المؤتمر أنه مؤتمر سياسي واجتماعي واقتصادي وديني وثقافي في وقت واحد، وأنه يجمع بين أجناس العالم وألوانهم مع اختلافهم في المذاهب السياسية والاقتصادية، وأنه ينعقد دوريًّا مرة كل عام في أيام معلومات من السنة، فيمكن المسلمين من الاطلاع على ما انتهى إليه العالم من تطور وازدهار وعداوة ومأساة وعدوان في شتى المجالات العالمية.
رابعًا: طواف الإفاضة
وهو الطواف الركن، وقد ذكره الله -عز وجل- في قوله تعالى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩] ، أي بعد الذبح وإزالة الأوساخ بالحلق والتقصير والاغتسال والتنظيف، يطوف الحاج حول البيت العتيق طواف الإفاضة التي به تمام التحلل، ويقول تعالى في الطواف أيضًا:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[الحج: ٢٦] ، ويقول تعالى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}[البقرة: ١٩٩] ، وطواف الإفاضة مأخوذ من قوله:"أفيضوا -أفاض"، ويقول تعالى:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[البقرة: ١٢٥] ، وهذه الآية تذكر ركعتا الطواف عند