ومن يتأمل هذه الفريضة يعلم أن مشاعرها لا يكفي أداؤها بالقول والفعل فقط، بل ينبغي أن يعيش المؤمن مع أسرارها، وما توحي به من مقاصد أخلاقية وغايات روحية؛ فينفعل مع المناسك بوجدانه، ويسبر أغوارها، ويتعمق في أبعادها، ويقف على أهدافها ومقاصدها؛ فلكل منسك من مناسك الحج إيحاءاته الروحية الصافية التي تهذب النفس وتسمو بها، وأخلاقياته الإيمانية الفاضلة التي تظهر الروح، ومن تلك الإيحاءات العميقة، وهذه الأخلاقيات السامية:
الفرق بين الحج وغيره من الأركان:
الصلاة تحتاج إلى نية للدخول فيها، والصوم يحتاج إلى تبيين نية الصيام قبل طلوع الفجر، والزكاة لا تصح إلا بنية فريضة الزكاة، حتى تتميز عن الصدقة العامة وعن التبرع والتطوع، وعن النفقة الواجبة على من تجب عليه.
أما الحج فهو لا يحتاج إلى تلك الإضافات في الأركان السابقة، لأنه في ذاته هو النية والقصد كما تواضع عليه أهل اللغة والشرع، وعلى ذلك فهو يتميز عن غيره، بأنه لا يحتاج إلى إضافة ولا ضميمة، ولا إلى تقديم أو إلى تثبيت، ولا إلى تهيئة أو إلى تمييز؛ فإذا قال الحاج عند الإحرام سأحج هذا العام لله تعالى يكفيه عن أن يقول: نويت أداء فريضة الحج لله تعالى، كما يقول في الصيام: نويت صوم رمضان هذا العام لله تعالى، وهذا هو الفرق بينهما.
وحي الإحرام:
إذا لبس الحاج رداء الإحرام وإزاره، وتجرد من كل مظاهر الزينة