للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتولى الإسلام تربية الشباب في مرحلة المراهقة والانطلاق والأنانية من الخامسة عشرة إلى العشرين على أساس من الخلق القويم، ويقيم بناءه لبنة لبنة في تجربته العملية بضوابط كثيرة في ممارسة السلوك وأهمها:

١- المسئولية والحساب:

فيستيقظ حينئذٍ على الحدِّ الفاصل بين الإعفاء وبين الإحصاء، ألا وهو حدُّ البلوغ، إذ لا حساب ولا مساءلة قبل ذلك، وإن لزم التوجيه والرعاية له من الوالدين، لأنهما يتحملان عنه الوزر، كما أنهما لا يحرمان من حسناته وحسن أخلاقه، فهما معًا السبب في الأوزار والحسنات: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته" "متفق عليه".

لكن البلوغ يحمل الشباب على أن يبدأ مرحلة جديدة في حياته، وهو أن يتحمل كل التبعات، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرّ، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" "متفق عليه"، قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: ١٢-١٣] وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧-٨] ، وقال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٨] .

ولم يكن حد البلوغ مجازفة واعتباطًا، وإنما كان نتيجة طبيعية للبناء الجسدي والعقلي والوجداني والعاطفي، فالشجرة لا تثمر إلا إذا

<<  <   >  >>