للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الصوم يربي في النفس غريزة الإخلاص، فهذه العبادة اختص الإخلاص فيها بعلم الله عز وجل، لأن الصوم سر بين العبد وربه، وكذلك يربي أيضًا أسمى أنواع الأمانات، لأن الصائم يرعى الله بأمانة؛ فيراقبه في السر والعلن مخلصًا لوجه الله تعالى، على العكس من الأمانة بصفة عامة، فقد يشتهر فيها شخص من بين الناس، وهو يقصد كسب ثقتهم، فيزداد حفاظًا على الأمانة كلما زادوه ثقة وهكذا، فإن مراعاة الناس واعتبارهم يهزُّ كيان الإخلاص في الأمانة العامة، فتصير مزيجًا من الإخلاص والتظاهر نوعًا ما، بينما الصائم لا يداخله هذا الخيط من التظاهر في الصوم وإلا لفسد كله، ولم يقبل في جانب الله عز وجل: "كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".

٤- تربية أخلاق العقيدة:

وهي أن يحيي القلب بنور الإيمان، ويوقظ الضمير بمعرفة الله، قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢] .

وتربية أخلاق العقيدة تتمُّ أيضًا بأن يتزي الشبان بزي الإيمان، وهو السكينة والوقار، والطمأنينة والاتزان، فيشعر دائمًا ببرد الراحة وحلاوة الأمن {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨] ، فلا يحزن على ما فات، ولا يفرح بما هو آتٍ، قال تعالى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: ٢٣] .

وكذلك غرس الإسلام قوة العزيمة في شبابه، ليقيم بناءه على أساس قوي ثابت، فيتحرَّر من سيطرة الغير، ما دام يعلم أن الله معه، وهذا واضح في وصية الرسول الكريم لخيرة الشباب في عصره عبد الله

<<  <   >  >>