اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: ٢٣-٢٨] ، وهكذا ظل موسى -عليه السلام- في مهنة الرعي عشر سنين عند نبي الله شعيب عليه السلام، ليوفِّي ما عليه من صداق الزواج.
وكذلك بقية الأنبياء حتى جاء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم- ليعمل في مهنة الرعي منذ بداية حياته لعمه أبي طالب الذي تكفُّله بعد وفاة جده عبد المطلب، والسيرة النبوية تحدثنا عن ذلك بالتفصيل، ويصوّر القرآن الكريم المرعى والأعشاب التي أنبتها الله بعد الغيث بلا رعاية من الإنسان، حتى أصبحت المرعى كالماء والنار والملح من الأشياء المشاعة، التي لا يختص بها أحد دون آخر، بل هي حق مشاع لجميع المسلمين: الناس شركاء في ثلاثة وقيل في أربعة: الماء والنار والكلأ والملح، اللهم إن حمى ولي الأمر المرعى لفئة معينة من المسملين لفقرهم، كما حمى النبي -صلى الله عليه وسلم- "أرض النقيع"، وكما حمى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أرض "الربذة"، قال تعالى في المرعى:{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}[عبس: ٣١-٣٢] ، وقال تعالى:{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا، وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}[النازعات: ٣٠-٣٣] ، وقال تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ