للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهٌ رَابِعٌ: ذَكَرَ الرُّوَاةُ لِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَنَّ فيها نزلت «وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ.. «١» الْآيَتَيْنِ.

وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ تَرُدَّانِ الْخَبَرَ الَّذِي رَوَوْهُ.. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ أَنَّهُمْ كَادُوا يَفْتِنُونَهُ حتى يفتري، وأنه لولا أن ثبته لكادير كن إِلَيْهِمْ.

فَمَضْمُونُ هَذَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَصَمَهُ مِنْ أَنْ يَفْتَرِيَ، وَثَبَّتَهُ حَتَّى لَمْ يَرْكَنْ إِلَيْهِمْ قَلِيلًا فَكَيْفَ كَثِيرًا وَهُمْ يَرْوُونَ في أَخْبَارَهُمُ الْوَاهِيَةَ أَنَّهُ زَادَ عَلَى الرُّكُونِ وَالِافْتِرَاءِ بِمَدْحِ آلِهَتِهِمْ. وَأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: افْتَرَيْتُ عَلَى اللَّهِ وَقُلْتُ مَا لَمْ يَقُلْ.. وَهَذَا ضِدُّ مَفْهُومِ الْآيَةِ وَهِيَ تُضْعِفُ «٢» الْحَدِيثَ لَوْ صَحَّ فَكَيْفَ وَلَا صِحَّةَ لَهُ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: «وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ، وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ. وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ

«٣» »


صلّى الله عليه وسلم من هذه الاشاعة والقاء الشبهة وهو مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ.. الى قوله.. القى الشيطان في امنيته) وقوله (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) فالقصة كما قدم ابن حجر لها أصل ثابت في الجملة لكنها ليس فيها ما ينقص من مقامه صلّى الله عليه وسلم، فابطالها بالكلية كما قاله المصنف رحمه الله تعالى لا ينبغي.
(١) «.. عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا. الاسراء «٧٣» .
(٢) وعند المحدثين اذا ورد في الحديث ما ينافي القرآن ولم يكن تأويله ولا الجمع بينه وبينه حكم بضعفه وقد علمت أن الحديث رواه مسلم.
(٣) «.. النساء آية (١١٣) وقد استشهد المصنف بها استشهادا لان الاية لم تنزل في هذه الحادثة وانما نزلت في بني ظفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>