للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهٌ آخَرُ اسْتَثَرْتُهُ «١» مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ:

إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْهُو وَلَا يَنْسَى وَلِذَلِكَ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ النِّسْيَانَ قَالَ: لِأَنَّ النِّسْيَانَ غفلة وآفة، والسهو إنما هو شغل «٢» .. قَالَ:

فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْهُو فِي صِلَاتِهِ وَلَا يَغْفَلُ عَنْهَا.. وَكَانَ يَشْغَلُهُ عَنْ حَرَكَاتِ الصَّلَاةِ مَا فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا بِهَا لَا غَفْلَةً عَنْهَا..

فَهَذَا إِنْ تَحَقَّقَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.. لَمْ يَكُنْ فِي قوله «ما قصرت» و «ما نَسِيتُ» خُلْفٌ فِي قَوْلٍ.

وَعِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ: «مَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ» بِمَعْنَى التَّرْكِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ وَجْهَيِ النِّسْيَانِ أَرَادَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنِّي لَمْ أُسَلِّمْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ تَارِكًا لِإِكْمَالِ الصَّلَاةِ. وَلَكِنِّي نَسِيتُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي.. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ صلّى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إني لا أنسى أو أنسى لأسنّ» والله الموفق «٣» للصواب. أما قصة كلمات إبراهيم المذكورة «٤» أنها


(١) استثرته: أي استخرجته ومنه قوله تعالى (فأثرن به نقعا) وأصله استثار الغبار حركه حتى يضطرب.
(٢) ولذا قال تعالى (فلا تنسى) أي باختيارك (الا ما شاء الله) بان ينسيك من غير تقصير منك.
(٣) هذه الجملة ساقطة من بعض النسخ وموجودة في أخرى.
(٤) وفي نسخة (الواردة في الحديث) أي الصحيح الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (انه لم يكذب ابراهيم الا ثلاث كذبات) الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>