للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُلْتَ: فَهَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَمَّاهَا كِذْبَاتٍ.

وَقَالَ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ «١» »

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ «٢» وَيَذْكُرُ كِذْبَاتِهِ..

فَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلَامٍ صُورَتُهُ صُورَةُ الْكَذِبِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا فِي الْبَاطِنِ إِلَّا هَذِهِ الْكَلِمَاتِ. وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ ظَاهِرِهَا خِلَافَ بَاطِنِهَا أَشْفَقَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السلام بمؤاخذته «٣» بِهَا.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ «٤» : «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا.»

فَلَيْسَ فِيهِ خُلْفٌ فِي الْقَوْلِ.. إِنَّمَا هُوَ سَتْرُ مَقْصِدِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَ عَدُوُّهُ حِذْرَهُ.. وَكَتَمَ وَجْهَ ذَهَابِهِ بِذِكْرِ السُّؤَالِ عَنْ مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَالْبَحْثِ عَنْ أَخْبَارِهِ وَالتَّعْرِيضِ بِذِكْرِهِ. لَا أَنَّهُ يَقُولُ: تَجَهَّزُوا إِلَى غَزْوَةِ كَذَا، أَوْ وِجْهَتُنَا إِلَى مَوْضِعِ كَذَا خِلَافَ مَقْصِدِهِ، فَهَذَا لَمْ يكن.


(١) وفي مسلم: «اثنتين في ذات الله وواحدة في شأن سارة» .
(٢) يشير الى ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنهم يأتون ابراهيم عليه الصلاة والسلام ويقولون: انت نبي الله وخليله اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليوم غضبا لم يغضب قبله ولا بعده مثله واني قد كنت كذبت ثلاث كذبات (ويذكرهن) اذهبوا الى غيري، الحديث:
(٣) وفي نسخة (من مؤاخذته) .
(٤) الحديث الذي رواه الشيخان عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه وفي نسخة (وكذلك الحديث) .

<<  <  ج: ص:  >  >>