للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول ليس فيه خبر يدخله الخلف.

وَالْأَوَّلُ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ يَدْخُلُهُ الْخُلْفُ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ «١» ؟ .. فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ.. فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ! الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ بَلْ عَبْدٌ «٢» لَنَا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ أَعْلَمُ مِنْكَ.

وَهَذَا خبر قد أنبأ الله أنه ليس كذلك، فاعلم أنه وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ عَنِ ابْنِ «٣» عَبَّاسٍ.

«هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟»

فَإِذَا كَانَ جَوَابُهُ عَلَى عِلْمِهِ فَهُوَ خَبَرُ حَقٍّ وَصِدْقٍ لَا خُلْفَ فِيهِ وَلَا شُبْهَةَ.

وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ فَمَحْمَلُهُ عَلَى ظَنِّهِ وَمُعْتَقَدِهِ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّ حَالَهُ فِي النُّبُوَّةِ وَالِاصْطِفَاءِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ إِخْبَارُهُ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنِ اعْتِقَادِهِ وَحُسْبَانِهِ صِدْقًا لَا خُلْفَ فِيهِ.

وَقَدْ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: «أَنَا أعلم» بما تقتضيه وظائف النبوة من


(١) الحديث مروي في الصحيح عن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه. ورواه الشيخان
(٢) والعبودية أعلى مراتب الاصطفاء لقوله تعالى (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) . الاسراء آية (١) وذكر الخفاجي بيتين للقاضي عياض رحمه الله.
ومما زادني شرفا وتيها ... وكدت بأخمصي اطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وجعلك خير خلقك لي نبيا
(٣) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٥٢» رقم «٦» .

<<  <  ج: ص:  >  >>