للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبت طائفة أخرى من المحققين من الفقهاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الصَّغَائِرِ كَعِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ.. قَالُوا: «لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الصَّغَائِرِ وَتَعْيِينِهَا مِنَ الْكَبَائِرِ وَإِشْكَالِ ذَلِكَ» .

وَقَوْلِ ابْنِ «١» عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ: «إِنَّ كُلَّ مَا عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَأَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ مِنْهَا الصَّغِيرُ بِالْإِضَافَةِ «٢» إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَمُخَالَفَةُ الباري في أي أَمْرٍ كَانَ يَجِبُ كَوْنُهُ كَبِيرَةً.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ «٣» عَبْدُ الْوَهَّابِ: «لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فِي مَعَاصِي اللَّهِ صَغِيرَةً إِلَّا عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تُغْتَفَرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، وَلَا يَكُونُ لَهَا حُكْمٌ مَعَ ذَلِكَ. بِخِلَافِ الْكَبَائِرِ إِذَا لَمْ يُتَبْ مِنْهَا فَلَا يُحْبِطُهَا «٤» شَيْءٌ، وَالْمَشِيئَةُ فِي الْعَفْوِ عَنْهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى «وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي «٥» بَكْرٍ وَجَمَاعَةِ أَئِمَّةِ الأشعرية وكثير من أئمة الفقهاء.


(١) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٥٢» رقم «٦» .
(٢) وفي نسخة (باضافة) .
(٣) القاضي ابو محمد عبد الوهاب: المالكي البغدادي الاديب لعلامة وهو من شعراء اليتيمة وقصيدته الميمية التي منها:
ولو ان أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما
وله تصانيف في مذهبه جليلة كالتلقين والمعونة. وارتحل الى مصر وتوفي بها ودفن بالقرافة بجانب الشافعي في عام اثنين وأربعمائة رابع عشر صفر.
(٤) يحبطها: يمحوها.
(٥) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٣٨٥» رقم «٥» .

<<  <  ج: ص:  >  >>