للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أئمتنا: «لا يَجِبُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَخْتَلِفَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنْ تَكْرَارِ الصَّغَائِرِ وَكَثْرَتِهَا، إِذْ يُلْحِقُهَا ذَلِكَ بِالْكَبَائِرِ، وَلَا فِي صَغِيرَةٍ أَدَّتْ إِلَى إِزَالَةِ الْحِشْمَةِ، وَأَسْقَطَتِ الْمُرُوءَةَ وَأَوْجَبَتِ الْإِزْرَاءَ وَالْخَسَاسَةَ، فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يُعْصَمُ عَنْهُ الْأَنْبِيَاءُ إِجْمَاعًا..

لِأَنَّ مثل هذا يحط منصب الْمُتَّسِمَ «١» بِهِ، وَيُزْرِي بِصَاحِبِهِ، وَيُنَفِّرُ الْقُلُوبَ عَنْهُ.

وَالْأَنْبِيَاءُ مُنَزَّهُونَ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ يَلْحَقُ بِهَذَا مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ فَأَدَّى إِلَى «٢» مِثْلِهِ لِخُرُوجِهِ بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ عَنِ اسْمِ الْمُبَاحِ إِلَى الْحَظْرِ» . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عِصْمَتِهِمْ مِنْ مُوَاقَعَةِ الْمَكْرُوهِ قَصْدًا

وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الصَّغَائِرِ بِالْمَصِيرِ إِلَى امْتِثَالِ أَفْعَالِهِمْ، وَاتِّبَاعِ آثَارِهِمْ وَسِيَرِهِمْ مُطْلَقًا، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ «٣» ، وَالشَّافِعِيِّ «٤» ، وَأَبِي حَنِيفَةَ «٥» ، مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ قَرِينَةٍ.. بَلْ مُطْلَقًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ.. وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي حكم ذلك «٦» .


(١) المتسم به: أي المتصف به.
(٢) من باب سد الذرائع عند الامام مالك، فان عنده ما ادى الى منهي عنه منهي عنه وان كان مباحا.
(٣) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٣٤١» رقم «٧» .
(٤) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «١٥٥» رقم «٨» .
(٥) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٤٩٩» رقم «٦» .
(٦) فقال الغزالي انه يستحب اتباعه في الامور الجبلية كغيرها، وذهب اليه كثير من الفقهاء والمحدثين. وقال غيرهم انه مباح احسن من غيره. وفي قول ضعيف انه واجب

<<  <  ج: ص:  >  >>