للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ قَبْلَ هَذَا فَادَوْا فِي سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ «١» بْنِ جَحْشٍ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا ابْنُ الحضرمي «٢» والحكم بْنِ كَيْسَانَ «٣» وَصَاحِبِهِ «٤» فَمَا عَتَبَ اللَّهُ ذَلِكَ عليم.. وَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَامٍ «٥» .

فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الْأَسْرَى كَانَ عَلَى تَأْوِيلٍ وَبَصِيرَةٍ. وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ قَبْلُ مِثْلُهُ.. فَلَمْ يُنْكِرْهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ.. لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ لِعِظَمِ أَمْرِ بَدْرٍ، وَكَثْرَةِ أَسْرَاهَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- إِظْهَارَ نِعْمَتِهِ، وَتَأْكِيدَ مِنَّتِهِ بتعريفهم ما كتبه في فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ حِلِّ ذَلِكَ لَهُمْ، لَا عَلَى وَجْهِ عِتَابٍ وَإِنْكَارٍ وَتَذْنِيبٍ.. هَذَا معنى كلامه.

وأما قوله: «عَبَسَ وَتَوَلَّى «٦» ..» الْآيَاتِ فَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتُ ذَنْبٍ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ إِعْلَامُ اللَّهِ أَنَّ ذلك المتصدّى «٧» له ممن لا يتزكى


(١) تقدمت ترجمته في ج ١ ص (٦٤٣) رقم (٢) .
(٢) عمرو بن الحضرمي كان مع المشركين ضد سرية المسلمين بقيادة سيدنا عبد الله ابن جحش وقد قتله الصحابي وافد بن عبد الله بسهم رماه به.
(٣) الحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة المخزومي أسر في هذه السرية أسره المقداد بعد قتل ابن الحضرمي فأراد عبد الله بن جحش قتله فقال المقداد دعه يقدم به عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قدم أسلم وحسن اسلامه وقتل ببئر معونة.
(٤) وهو عثمان بن عبد الله أسر ومات كافرا.
(٥) وهذا سهو لان غزوة بدر بعد هذه السرية بثلاثة أشهر فقط.
(٦) سورة عبس اية «١» .
(٧) المتعدي: أي بصيغة اسم المفعول ونائب فاعله قوله له. أي المتعرض له بالتوجه والاقبال وأصل التعدي مقالة الشيء كما يقابله الصدى وهو الصوت الراجع اليه من جبل ونحوه وفي التعبير به نكتة وهي أن كلام هؤلاء لا عبرة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>