للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له حِينَ تَخَاصُمِهِ مَعَ الْأَنْصَارِيِّ فِي شِرَاجِ «١» الْحَرَّةِ «٢» اسق يا زبير حتى يبلغ الماء الكعبين فقال له الأنصاري: أن كان يا رسول الله ابن عمتك! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ «٣» » الْحَدِيثَ..

فَالْجَوَابُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ أَنْ يَقَعَ بِنَفْسِ مُسْلِمٍ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَمْرٌ يُرِيبُ.. وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ الزُّبَيْرَ أَوَّلًا إِلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ عَلَى طَرِيقِ التَّوَسُّطِ وَالصُّلْحِ، فَلَمَّا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ الْآخَرُ، وَلَجَّ، وَقَالَ مَا لَا يَجِبُ، اسْتَوْفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ.

وَلِهَذَا تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ «٤» عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: بَابٌ إِذَا أَشَارَ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَاسْتَوْعَى «٥» رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ.

وَقَدْ جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ هَذَا الحديث أصلا في قضيته وفيه الاقتداء


(١) شراج: بكسر الشين المعجمة وراء مهملة وألف بعدها جيم مسيل صغير في السهل كالقناة جمع شرجة أو شرج.
(٢) الحرة: بفتح الحاء وتشديد الراء المهملتين أرض صلبة تعلوها حجارة سود وهي مكان معروف بطيبة كان فيها وقعة يزيد المشهورة.
(٣) الجدر: بفتح الجيم وسكون الدال وبالراء المهملتين بمعنى الجدار وروي بضم الجيم جمع جدار وروي بفتح الجيم وكسرها وذال معجمة من جذر الحساب وجذر كل شيء أصله والمراد به الحائط.
(٤) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «١٥٨» رقم «٣» .
(٥) استوعى: استكمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>