للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَ مِنْ حَدِّ مُدَارَاةِ الدُّنْيَا إِلَى السِّيَاسَةِ الدينية، وقد كان يَسْتَأْلِفُهُمْ بِأَمْوَالِ اللَّهِ الْعَرِيضَةِ فَكَيْفَ بِالْكَلِمَةِ اللَّيِّنَةِ.

قَالَ صَفْوَانُ «١» : «لَقَدْ أَعْطَانِي وَهُوَ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى صَارَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيَّ» .

وَقَوْلُهُ فِيهِ: «بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ هُوَ» غَيْرُ غِيبَةٍ، بَلْ هُوَ تَعْرِيفُ مَا عَلِمَهُ مِنْهُ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ لِيَحْذَرَ حَالَهُ وَيُحْتَرَزَ مِنْهُ، وَلَا يُوثَقَ بِجَانِبِهِ كُلَّ الثِّقَةِ، لا سِيَّمَا وَكَانَ مُطَاعًا مَتْبُوعًا.

وَمِثْلُ هَذَا إِذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ لَمْ يَكُنْ بِغِيبَةٍ، بَلْ كَانَ جَائِزًا، بَلْ وَاجِبًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كَعَادَةِ الْمُحَدِّثِينَ فِي تَجْرِيحِ الرُّوَاةِ، وَالْمُزَكِّينَ فِي الشُّهُودِ «٢» .

فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى الْمُعْضِلِ «٣» الْوَارِدِ فِي حَدِيثِ «٤» بِريرَةَ «٥» مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ «٦» وَقَدْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ موالي بريرة أبوا بيعها إلا


(١) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٢٣٢» رقم «٥» .
(٢) وقد جمع بعضهم الصور التي تجوز فيها الغيبة في قوله:
القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقا ومستفت ومن ... طلب الاعانة في ازالة منكر
(٣) المعضل: اسم فاعل من أعضل أي أشكل.
(٤) الذي رواه الشيخان.
(٥) تقدمت ترجمتها في ج ١ ص «١٨٧» رقم «٣» .
(٦) تقدمت ترجمتها في ج ١ ص «١٤٦» رقم «٥» .

<<  <  ج: ص:  >  >>