للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجد بذلك المنافقون والمستهزؤون ذَرِيعَةً إِلَى أَذَاهُ وَالْإِزْرَاءِ بِهِ فَيُنَادُونَهُ، فَإِذَا الْتَفَتَ قَالُوا: إِنَّمَا أَرَدْنَا هَذَا- لِسِوَاهُ- تَعْنِيتًا لَهُ وَاسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِ عَلَى عَادَةِ الْمُجَّانِ «١» وَالْمُسْتَهْزِئِينَ. فَحَمَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَى أَذَاهُ بِكُلِّ وَجْهٍ «فَحَمَلَ مُحَقِّقُو الْعُلَمَاءِ نَهْيَهُ عَنْ هَذَا عَلَى مُدَّةِ حَيَّاتِهِ، وَأَجَازُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِارْتِفَاعِ الْعِلَّةِ» .

وَلِلنَّاسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَذَاهِبُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الجمهور والصواب- إن شاء الله- وأن ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ تَعْظِيمِهِ وَتَوْقِيرِهِ، وَعَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ.

وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْهَ عَنِ اسْمِهِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ اللَّهُ مَنَعَ مِنْ نِدَائِهِ بِهِ بِقَوْلِهِ:

«لَا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً «٢» » وإنما كان المسلمون يدعونه يا رسول الله يا نبي الله، وقد يدعونه «٣» بكنيته أبا القاسم بعضهم فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.

وَقَدْ رَوَى «٤» أَنَسٌ «٥» رَضِيَ الله عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَا يَدُلُّ على كراهة


(١) المجان جمع ماجن من المجون وهو الهزل والسخرية.
(٢) الاية: ٦٣ سورة النور.
(٣) وروي (يدعوه) بالافراد قيل ووجهه يدعوه الداعي.
(٤) في حديث رواه الحاكم والبزار وأبو يعلى وحسنوه.
(٥) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٤٧» رقم «١» .

<<  <  ج: ص:  >  >>