للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكَاهُ، أَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ، أَوْ لَمْ يَكُنِ الْكَلَامُ مِنَ الْبَشَاعَةِ حَيْثُ هُوَ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى حَاكِيهِ اسْتِحْسَانُهُ وَاسْتِصْوَابُهُ، زُجِرَ عَنْ ذَلِكَ وَنُهِيَ عَنِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهِ. وَإِنْ قُوِّمَ بِبَعْضِ الْأَدَبِ فَهُوَ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ.

وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ مِنَ الْبَشَاعَةِ حَيْثُ هُوَ.. كَانَ الْأَدَبُ أَشَدَّ وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ مَالِكًا «١» عَمَّنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ.. فَقَالَ مَالِكٌ: كَافِرٌ فَاقْتُلُوهُ.. فَقَالَ: إِنَّمَا حَكَيْتُهُ عَنْ غَيْرِي.. فَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا سَمِعْنَاهُ مِنْكَ «٢» .

وَهَذَا مِنْ مَالِكٍ رحمه الله عَلَى طَرِيقِ الزَّجْرِ «٣» وَالتَّغْلِيظِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُنَفِّذْ قَتْلَهُ، وَإِنِ اتُّهِمَ هَذَا الْحَاكِي فِيمَا حَكَاهُ أَنَّهُ اخْتَلَقَهُ وَنَسَبَهُ إِلَى غَيْرِهِ، أَوْ كَانَتْ تِلْكَ عَادَةً لَهُ، أَوْ ظَهَرَ اسْتِحْسَانُهُ لِذَلِكَ، أَوْ كَانَ مُولَعًا بِمِثْلِهِ وَالِاسْتِخْفَافِ لَهُ، أَوِ التَّحَفُّظِ لِمِثْلِهِ وَطَلَبِهِ وَرِوَايَةِ أَشْعَارِ هَجْوِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبِّهِ، فَحُكْمُ هَذَا حُكْمُ السَّابِّ نَفْسِهِ.. يُؤَاخَذُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِسْبَتُهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَيُبَادَرُ بِقَتْلِهِ وَيُعَجِّلُ إِلَى الهاوية أمه.


(١) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «» رقم «» .
(٢) وهذا الامر من مالك بقتل السائل بمجرد اتهامه انه القائل بمخلوقيته بدون اثبات اعتقاد مخلوقيته عجب. مع انه ممن يقول: لا نكفر احدا من أهل القبلة- قاله الدلجي-
(٣) قال الدلجي: وهذا أيضا عجيب بل أعجب لان القتل زجرا من السؤال لم يقل به أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>