للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ أَبُو عَبِيدٍ «١» الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِيمَنْ حَفِظَ شَطْرَ بَيْتٍ مِمَّا هُجِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كُفْرٌ.

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ أَلَّفَ فِي الْإِجْمَاعِ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْرِيمِ رِوَايَةِ مَا هُجِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِتَابَتِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَتَرْكِهِ مَتَى وُجِدَ دُونَ مَحْوٍ، وَرَحِمَ اللَّهُ أَسْلَافَنَا الْمُتَّقِينَ الْمُتَحَرِّزِينَ لِدِينِهِمْ، فَقَدْ أَسْقَطُوا مِنْ أَحَادِيثِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ، وَتَرَكُوا رِوَايَتَهُ إِلَّا أَشْيَاءَ ذَكَرُوهَا يَسِيرَةً وَغَيْرَ مُسْتَبْشَعَةٍ عَلَى نَحْوِ الْوُجُوهِ الْأُوَلِ لِيُرُوا نِقْمَةَ اللَّهِ مِنْ قَائِلِهَا وَأَخْذَهُ الْمُفْتَرِيَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ.

وَهَذَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ «١» بْنُ سَلَّامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ تَحَرَّى فِيمَا اضْطُرَّ إِلَى الِاسْتِشْهَادِ بِهِ مِنْ أَهَاجِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ فِي كُتُبِهِ، فَكَنَّى عَنِ اسْمِ الْمَهْجُوِّ بِوَزْنِ اسْمِهِ اسْتِبْرَاءً لِدِينِهِ، وَتَحَفُّظًا مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي ذَمِّ أحد بروايته أَوْ نَشْرِهِ. فَكَيْفَ بِمَا يَتَطَرَّقُ إِلَى عِرْضِ سيد البشر صلّى الله عليه وسلم!


(١) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٥٠٧» رقم «٣» .

<<  <  ج: ص:  >  >>