للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآيَاتُهُ تَتَجَدَّدُ وَلَا تَضْمَحِلُّ، وَلِهَذَا أَشَارَ صَلَّى الله عليه وسلم بقوله:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن «١» النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ.. وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وحيا أوحاه اللَّهُ إِلَيَّ.. فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يوم القيامة. هذا معنى الحديث عند بَعْضِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَظُهُورِ مُعْجِزَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَعْنَى آخَرَ مِنْ ظُهُورِهَا بكونها وحيا وكلاما لا يمكن التخيل فيه ولا التحيل عَلَيْهِ وَلَا التَّشْبِيهُ فَإِنَّ غَيْرَهَا مِنْ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ قَدْ رَامَ الْمُعَانِدُونَ لَهَا بِأَشْيَاءَ طَمِعُوا فِي التَّخْيِيلِ بِهَا عَلَى الضُّعَفَاءِ كَإِلْقَاءِ السَّحَرَةِ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَشِبْهُ هَذَا مِمَّا يُخَيِّلُهُ السَّاحِرُ أَوْ يَتَحَيَّلُ فِيهِ.

وَالْقُرْآنُ كَلَامٌ لَيْسَ لِلْحِيلَةِ ولا للسحر ولا للتخييل فِيهِ عَمَلٌ..

فَكَانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عِنْدَهُمْ أَظْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ.. كَمَا لَا يتم لشاعر ولا خطيب أَنْ يَكُونَ شَاعِرًا أَوْ خَطِيبًا بِضَرْبٍ مِنَ الْحِيَلِ وَالتَّمْوِيهِ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَخْلَصُ وَأَرْضَى.. وَفِي هذا التأويل


(١) رواه البخاري ومسلم والنسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>