للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني ما يغمّض عليه الجفن ويغضى. وجه ثالث على مَنْ قَالَ بِالصِّرْفَةِ «١» . وَأَنَّ الْمُعَارَضَةَ كَانَتْ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ فَصُرِفُوا عَنْهَا أَوْ عَلَى أَحَدِ مَذْهَبَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِهِمْ..

وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْلُ وَلَا يَكُونُ بَعْدُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لم يقدرهم ولا يُقَدِّرْهُمْ عَلَيْهِ.. وَبَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ فَرْقٌ بَيِّنٌ وَعَلَيْهِمَا جميعا فترك الْعَرَبُ الْإِتْيَانَ بِمَا فِي مَقْدُورِهِمْ أَوْ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِهِمْ.

وَرِضَاهُمْ بِالْبَلَاءِ وَالْجَلَاءِ وَالسِّبَاءِ وَالْإِذْلَالِ وَتَغْيِيرِ الْحَالِ..

وَسَلْبِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ.. وَالتَّقْرِيعِ.. وَالتَّوْبِيخِ.. وَالتَّعْجِيزِ..

وَالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ.. أَبْيَنُ آيَةً لِلْعَجْزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ وَالنُّكُولِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ.. وَأَنَّهُمْ مُنِعُوا عَنْ شَيْءٍ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِهِمْ..

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ «٢» وَغَيْرُهُ قَالَ:

وَهَذَا عِنْدَنَا أَبْلَغُ فِي خَرْقِ الْعَادَةِ بِالْأَفْعَالِ الْبَدِيعَةِ فِي أَنْفُسِهَا كَقَلْبِ العصاحيّة وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ إِلَى بَالِ النَّاظِرِ بدارا «٣» أنّ ذلك


(١) الصرفة: بفتح الصاد المعجمة وكسرها وهو مذهب بعض المعتزلة والشيعة حيث قالوا صرف الله همهم عن الاتيان بأقصر سورة منه مع تمكنهم منه.
(٢) تقدمت ترجمته في ص «٤٧٥» رقم «٣» .
(٣) بدارا: بكسر الباء أي مبادرة ومسار عنه من اول وهلة قبل التأمل في حقيقة أمره وخفية سره.

<<  <  ج: ص:  >  >>