للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل له: إن نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَقْدِمُونَ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يُرِيدُونَهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الْجُمُعَةِ أو في الأيام المرة أو المرتين أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ الْقَبْرِ فَيُسَلِّمُونَ وَيَدْعُونَ سَاعَةً، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ بِبَلَدِنَا وَتَرْكُهُ وَاسِعٌ «١» .. وَلَا يُصْلِحُ آخر هذه الأمة إلا ما صلح أَوَّلَهَا وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَصَدْرِهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ إِلَّا لِمَنْ جَاءَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ «٢» : وَرَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِذَا خَرَجُوا مِنْهَا أَوْ دَخَلُوهَا أَتَوُا الْقَبْرَ فَسَلَّمُوا- قَالَ- وَذَلِكَ رَأْيٌ.

قَالَ الْبَاجِيُّ «٣» : فَفَرْقٌ بَيْنَ أَهْلِ المدينة والغرباء، لأن الغرباء


(١) واسع أي جائز. ولو فعله فسائغ شائع، لانه كما قال ابن مسعود: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، والقياس بوقت الوفاة على حال الحياة صحيح، ولا شك أن الصحابة كانوا يكثرون السلام عليه في حال حياته ويتشرفون بتكرار ملاقاته ويتبركون بأخذ الفيض من انوار بركاته فأي مانع من التردد على بابه والتوسل الى جنابه على أنه قد ثبت من صلّى علية نائيا بلغه ومن صلّى عليه عند قبره سمعه.. نعم ان كانت الكثرة توجب الملالة فلا شك أن يقال في حقها الكراهة كما يشير اليه حديث: (زر غبا تزدد حبا) وأما عند كثرة الشوق ومزيد الذوق فلا سبيل الى المنع من تلك الحفرة ولو على سبيل المداومه كما يدل عليه حديث أبي بن كعب في تكثير الصلاة والسلام عليه، والحاصل ان تكثيرها مستحب بالاجماع فايقاعها أولى في أفضل البقاع.
(٢) تقدمت ترجمته في ج ١ ص (٣٤١) رقم (٣) .
(٣) تقدمت ترجمته في ج ٢ ص (٢٠١) رقم (٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>