للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يمكن أن يُنهى عن التشبه به في هذه الدعوة، وهي النداء الذي نادى به ربه، وإنما نهي عن التشبه به في السبب الذي أفضى به إلى هذه المناداة، وهو مغاضبته التي أفضت به إلى حبسه في بطن الحوت وشدة ذلك عليه حتى نادى ربه وهو مكظوم.

والمكظوم والكظيم والكاظم: الذي قد امتلأ غَيْظًا أو غَضَبًا أو هَمًّا وحزَنًا، وكظم عليه فلم يُخرجه.

فإن قيل: وعلى ذلك، فما العامل في الظرف؟

قيل: ما في صاحب الحوت من معنى الفعل.

فإن قيل: فالسؤال بعد قائم، فإنه إذا قيّدَ المنهي عنه بقيد أو زمن كان داخلًا في حيّز النهي، فإذا كان المعنى: لا تكن مثل مَنْ صحب الحوت في هذه الحال وهذا الوقت كان نهيًا عن تلك الحالة.

قيل: لما كان نداؤه مُسَبّبًا (١) عن كونه صاحب الحوت، فنهي أن يتشبّه به في الحال التي أفضت به إلى صُحْبَة الحوت والنداء، وهي ضعف العزيمة والصبر لحكمه تعالى. ولم يقل تعالى: ولا تكن كصاحب الحوت إذ ذهب مغاضبًا فالتقمه الحوت فنادى، بل طوى القصة واختصرها، وأحال بها على ذكرها في الموضع الآخر، واكتفى بغايتها وما انتهت إليه.

فإن قيل: فما منعك من تعليق (٢) الظرف بنفس الفعل المنهي عنه


= . وصححه الحاكم في المستدرك (١/ ٥٠٥) ووافقه الذهبي.
(١) في (ن): "سببًا" وهو تحريف.
(٢) في (م) و (ن): "من تعويض". وفي (ب): "بتعويض".

<<  <  ج: ص:  >  >>