للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها أنه لا يمكنه الصبر إلا به.

وذلك يتضمن أمرين: الاستعانة، والمعية الخاصة التي تدل عليها باء المصاحبة، كقوله: "فبي يسمع، وبي يُبصر، وبي يبطِش، وبي يمشي" (١)، وليس المراد بهذه الباء مجرد الاستعانة، فإن هذا أمر مشترك بين المطيع والعاصي، فإن ما لا يكون باللَّه لا يكون، بل هي باء المصاحبة. والمعيَّةُ التي صرح بمضمونها في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)[الأنفال: ٤٦] المعيةُ الحاصلةُ لعبدِه الذي تقرّب إليه بالنوافل حتى صار محبوبًا له، فيه يسمع وبه يبصر، وكذلك به يصبر، فلا يتحرك ولا يسكن ولا يدرك إلا واللَّه معه، ومتى كان كذلك أمكنه الصبر له وتحمل الأثقال لأجله؛ كما في الأثر الإلهي: "بعيني ما يتحمَّلُ المتحمّلون من أجلي" (٢).


(١) جزء من حديث الولي الذي أصله عند البخاري في "صحيحه" رقم (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة بلفظ: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها". إلا أن جملة "فبي يسمع. . . " الخ لم يخرجها البخاري، ولم أقف على من أسندها، وقد ذكرها الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (١/ ٢٦٤ - ٢٦٥، ٣٨١ - ٣٨٢)، و (٢/ ١٩٥، ٢٣٦)، وكذلك ذكرها شيخ الإِسلام في مواضع متعددة، انظر على سبيل المثال: "مجموع الفتاوى" (٢/ ١٨، ٤٦٣)، و (٣/ ٤١٧) و (٥/ ٥١١)، و (٦/ ٤٨٤) و (٧/ ٤٤٣) و (٨/ ١٤٤) و (١٠/ ٧، ٣٠٥) وغيرها كثير. وذكرها الطوفي في "التعيين في شرح الأربعين" ص ٣٢٠ وغيرهم.
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ١٩١): "ولم أرَ هذه الزيادة عند البخاري ولا عند غيره ممن ذكرنا من المخرجين. . . ".
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٦٠) عن وهب بن منبه: "أوحى اللَّه =

<<  <  ج: ص:  >  >>