للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألطف، وإيضاح هذه العبارة يزيدها جفاءً وخفاءً.

والمقصود: إنما هو الصبر باللَّه، وأن العبد بحسب نصيبه من معية اللَّه له يكون صبره، وإذا كان اللَّه معه أمكنه أن يأتي من الصبر بما لا يأتي به غيره.

قال أبو علي: فاز الصابرون بعز الدارين؛ لأنهم نالوا من اللَّه معيته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)[البقرة: ١٥٣، والأنفال: ٤٦] (١).

وهاهنا سر بديع وهو: أن من تعلَّق بصفة من صفات الرب تعالى أدخلته تلك الصفة عليه وأوصلته إليه، والرب تعالى هو الصبور، بل لا أحد أصبر على أذى يسمعه منه، وقد قيل: إن اللَّه تعالى أوحى إلى داود: "تخلَّق بأخلاقي، فإن من أخلاقي أني أنا الصبور" (٢).

والرب تعالى يُحب أسماءه وصفاته، ويحب مقتضى صفاته وظهور آثارها في العبد، فإنه جميل يحب الجمال، عفو يحب أهل العفو، كريم يحب أهل الكرم، عليم يحب أهل العلم، وتر يحب الوتر، قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، صبور يحب الصابرين، محسن يحب المحسنين، شكور يحب الشاكرين، فإذا كان سبحانه يحب المتصفين بآثار صفاته فهو معهم بحسب نصيبهم من هذا الاتصاف، فهذه


= في "العلل المتناهية" رقم (٢٧) وضعفه.
وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" رقم (١٧٧٥).
(١) انظر قول أبي علي الدقاق في "الرسالة القشيرية" ص ٢٥٧.
(٢) انظر: "الرسالة القشيرية" ص ٢٥٧، و"ربيع الأبرار" للزمخشري (٣/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>