للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي حُليًّا فكنت ألبسه وأعيره زمانًا، ثم إنهم أرسلوا إليّ فيه أفأرده إليهم؟ قال: نعم واللَّهِ. قالت: إنه قد مكث عندي زمانًا؟! فقال: ذلك أحق لردك إياه. فقالت له: يرحمك اللَّه أفتأسف على ما أعارك اللَّه ثم أخذه منك، وهو أحق به منك؟! فأبصر ما كان فيه، ونفعه اللَّه بقولها (١).

وفي "جامع الترمذي" عن شيخ من بني مرة قال: قدمت الكوفة فأخبرت عن بلال بن أبي بردة فقلت: إن فيه لمعتبرًا، فأتيته وهو محبوس في داره التي كان بنى، وإذا كل شيء منه قد تغير من العذاب والضرب، وإذا هو في قُشاش (٢)، فقلت له: الحمد للَّه يا بلال، لقد رأيتك تمر بنا وأنت تمسك أنفك من غير غبار، وأنت في حالتك هذه فكيف صبرك اليوم؟ فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: من بني مرة بن عباد. قال: ألا أحدثك حديثًا عسى اللَّه أن ينفعك به؟ قلت: هات. قال: حدثني أبو بردة عن أبي موسي أن رسول اللَّه قال: "لا تصيب عبدًا نَكْبَةٌ (٣) فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو اللَّه عنه أكثر" قال: وقرأ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)[الشورى: ٣٠] (٤).

وفي "الصحيحين" من حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: كأني أنظر إلى رسول اللَّه يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه


(١) "الموطأ" (١/ ٢٣٧).
(٢) القشاش: ما كان ساقطًا مما لا قيمة له. انظر: "تحفة الأحوذي" (٩/ ٩٢).
(٣) أي: محنة وأذي. انظر: "تحفة الأحوذي" (٩/ ٩٢)
(٤) "جامع الترمذي" رقم (٣٢٥٢)، وقال: "حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>