للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتلى وإن اشتد بلاؤه ليس بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء، وما المبتلَون اليوم إلا من أهل العافية بالأمس، وما المبتلون بعد اليوم إلا من أهل العافية اليوم، ولو كان البلاء يجرّ إلى خير ما كنا من رجال البلاء. إنه رُبّ بلاء قد أجهد في الدنيا وأخزى في الآخرة، فما يأمن من أطال (١) المقام على معصية اللَّه أن يكون قد بقي له في بقية عمره من البلاء ما يجهده في الدنيا ويفضحه في الآخرة، ثم يقول عند ذلك: الحمد للَّه الذي إن نعدّ نعمه لا نحصيها، وإن ندأب له عملًا لا نجزيها، وإن نعمّر فيها لا نبليها" (٢).

ومرّ رسول اللَّه برجل يسأل اللَّه الصبر، فقال: "لقد سألت البلاء، فاسأل العافية" (٣).

وفي "صحيح مسلم" أنه عاد رجلًا قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول اللَّه : "هل كنت تدعو اللَّه بشيء أو تسأله إياه؟ " قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجّله لي في الدنيا. فقال رسول اللَّه : "سبحان اللَّه، لا تطيقه ولا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار" فدعا اللَّه له فشفاه (٤).


= في "الثقات". انظر: "التاريخ الكبير" (٦/ ٧٢)، و"الجرح والتعديل" (٦/ ٢٨)، و"الثقات" (٧/ ١٣١).
(١) في الأصل: الحال، والتصويب من (ب) ومن مصدر التخريج.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الشكر" رقم (١٥٧).
(٣) رواه الترمذي في "جامعه" رقم (٣٥٢٧)، وقال: "حديث حسن". من حديث معاذ بن جبل .
(٤) "صحيح مسلم" رقم (٢٦٨٨) من حديث أنس بن مالك .

<<  <  ج: ص:  >  >>