للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥)[الفجر: ١٥] الآية، وقال: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥)[الأنبياء: ٣٥].

الوجه الثالث: إخباره أن الأموال والأولاد لا تقرّب إليه شيئا، وإنما يقرّب إليه الإيمان والعمل الصالح، كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧)[سبأ: ٣٧].

الوجه الرابع: إخباره أن الدنيا والغنى والمال إنما جعلها متعة لمن لا نصيب له في الآخرة، وأن الآخرة جعلها للمتقين، فقال تعالى: ﴿الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١)[طه: ١٣١]، وقال: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ [الأحقاف: ٢٠].

وإلى هذا المعنى أشار النبي بقوله لعمر: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة"، وسيأتي الحديث (١).

الوجه الخامس: أنه لم يذكر المترفين وأصحاب الثروة إلا بالذم كقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥)[الواقعة: ٤٥]، وقوله: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ [الإسراء: ١٦]، وقوله: ﴿لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣)[الأنبياء: ١٣].

الوجه السادس: أنه سبحانه ذم محب المال، فقال: ﴿وَتَأْكُلُونَ


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٥١٩١)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٤٧٩)، كلاهما من حديث عمر بن الخطاب في قصة إيلاء النبي من نسائه، ولفظ البخاري فيه: "إن أولئك قوم قد عُجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا".

<<  <  ج: ص:  >  >>