للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، وخيرتُه من بريَّته، وصفوتُه من خَليقته، وأمينُه على وَحْيِه، وسفيرُه بينه وبين عباده، أعرفُ الخَلقِ بِه وأقومُهم بخشيته، وأنصحُهم لأمّته، وأصبَرُهم لِحُكمِه، وأَشكرهم لِنِعَمِه، وأقربُهم إليه وسيلَةً، وأعلاهُم عنده منزلةً، وأعظمُهم عنده جاهًا، وأوسعُهم عنده شفاعةً، بعثهُ إلى الجَنَّةِ داعيًا، وللإيمانِ مُناديًا، وفي مرضاته ساعيًا، وبالمعروف آمرًا، وعن المنكر ناهيًا، فَبَلَّغ رسالاتِ ربِّه، وصدّعَ بأمره، وتحمَّل في مرضاته ما لمِ يتحمَّلْه بشرٌ سواه، وقام للَّه بالصَّبرِ والشُّكر أحَقَّ القيام حتى بَلَغ رضاه، فَثَبَت في مَقامِ الصَّبرِ حتى لم يلحقْه أحدٌ من الصّابرين، وَتَرقى في دَرَجةِ الشُّكر حتى علا فوقَ جَميعِ الشاكرين.

فَحَمدَه اللَّهُ وملائكتُه ورسلُه وجميعُ المؤمنين، ولذلك خُصَّ بلواءِ الحَمدِ دون جميع العالمين، فآدمُ تحتَ لوائِه ومن دونه من الأنبياءِ والمرسلين، وجعلَ الحمْدَ فاتحَةَ كتابِه الذي أنزلَه عليه (١) وآخرَ دعوى أهلِ ثوابِه الذين هداهم على يديه.

وسمّى أمَّته الحَمّادين (٢) قبل أن يُخرجَهم إلى الوجودِ، لحمدِهم له على السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ والشِّدَّةِ والرّخاءِ، وجعلَهم أَسبق الأممِ إلى دارِ الثَّوابِ والجزاءِ.

فأقربُ الخلقِ إلى لوائه أكثرُهم حمدًا للَّه وذكرًا، كما أن أعلاهم


= إلحاقٍ، لذا لم أثبتها في الأصل.
(١) في (م) و (ن) زيادة: "كذلك فيما بلغنا هو في التوراة والإنجيل". ونحوه في (ب).
(٢) جاء في ذلك حديث أخرجه الدارمي في سننه برقم (٥، ٧، ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>