للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقدر حاجتها، وهكذا هذا أخذ ما يحتاج إليه ثم أقبل على ما ينفعه.

وضرب بول الدابة وثلطها مثلًا لإخراجه المال في حقه، حيث يكون حبسه وإمساكه مضرًّا له فنجا من وبال جمعه بأخذ قدر الحاجة منه، ونجا من وبال إمساكه بإخراجه، كما نجت الدابة من الهلاك بالبول والثلط.

وفي هذا الحديث إشارة إلى الاعتدال والتوسط بين الشره في المرعى القاتل بكثرته، والإعراض عنه وتركه بالكلية، فتهلك جوعًا.

وتضمن الخبر أيضًا إرشاد المكثر من المال إلى ما يحفظ عليه قوّته وصحته في بدنه وقلبه، وهو الإخراج منه وإنفاقه، ولا يحبسه فيضرّه حبسه، وباللَّه التوفيق.

فصل

المثال الثامن: ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن سليمان بن يسار عن ميمونة قالت: قال رسول اللَّه لعمرو بن العاص: "الدنيا خضرة حلوة، فمن اتقى اللَّه فيها وأصلح، وإلا فهو كالآكل ولا يشبع، وبين الناس في ذلك كبعد الكوكبين: أحدهما يطلع في المشرق، والآخر يغيب في المغرب" (١).

فنبّه بخضرتها على استحسان العيون لها، وبحلاوتها على استجلاء الصدور لها، وبتلك الخضرة والحلاوة زيّنت لأهلها، وحُبّبت إليهم، لا


(١) رواه أبو يعلى في "مسنده" رقم (٧٠٩٩)، والرامهرمزي في "الأمثال" رقم (١٩).
وضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>