للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل موردًا للأنام والأنعام، فجعل الحوض ينقص على كثرة (١) الوارد حتى لم يبقَ منه إلا وَشَلٌ (٢) كدر في أسفله، قد بالت فيه الذواب، وخاضته الناس والأنعام، كما روى مسلم في "صحيحه" عن عتبة بن غزوان أنه خطبهم، فقال في خطبته: "إن الدنيا قد آذنت بصُرم (٣)، وولّت حذّاء (٤)، ولم يبقَ منها إلا صبابة (٥) كصبابة الإناء يتصابّها صاحبها، وإنكم منتقلون عنها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم" (٦).

وقال عبد اللَّه بن مسعود: "إن اللَّه تعالى جعل الدنيا كلها قليلًا، فما بقي منها إلا قليل من قليل، ومثل ما بقي منها كالثَّغَب شرِبَ صفوه، وبقي كدره" (٧). الثغب: الغدير.


(١) في الأصل: "كثيرة". والمثبت من النسخ الأخرى.
(٢) تحرفت في النسخ إلى "وشك" وسقطت من (ب). والوَشَلُ بمعنى الماء القليل.
(٣) أي: بانقطاع وانقضاء. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٢٦).
(٤) أي: مسرعة الانقطاع. انظر: "شرح النووي على مسلم" (١٨/ ١٠٢).
(٥) أي: البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء. انظر: "النهاية" (٣/ ٥).
(٦) "صحيح مسلم" رقم (٢٩٦٧).
(٧) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (٢٩٦٤)، بلفظ: "ما غبر -أي: ما بقي- من الدنيا إلا كالثغب شرب صفوه وبقي كدره".
ورواه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٢٠) عن عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا بنفس اللفظ الذي ذكره ابن القيم. وصححه، ووافقه الذهبي.
وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (١٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>