للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه (١) القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه اللَّه مالًا فهو ينفقه آناء الليل والنهار" (٢)، فجعل الغنى مع الإنفاق بمنزلة القرآن مع القيام به.

قالوا: وقد صرّح في حديث أبي كبشة الأنماري (٣): أن (٤) صاحب المال إذا عمل في ماله بعلمه، واتقى فيه ربه، ووصل به رحمه، وأخرج منه حق اللَّه فهو بأعلى المنازل عند اللَّه -وهذا صريح في تفضيله- وجعل الفقير الصادق إذا نوى أن يعمل بعمله، وقال ذلك بلسانه، ثانيًا له، وأنه بنيته وقوله وأجرهما سواء، فإن كلًّا منهما نوى خيرًا وعمل ما يقدر عليه، فالغني نواه ونفذه بعمله، والفقير العالم نواه ونفذه بلسانه، فاستويا في الأجر من هذه الجهة.

ولا يلزم من استوائهما في أصل الأجر استواؤهما في كيفيته وتفاصيله، فإن الأجر على العمل والنيّة له مزية على الأجر على مجرد النية التي قارنها القول، ومن نوى الحجّ ولم يكن له مال يحجّ به وإن أثيب على ذلك، فإن ثواب من (٥) باشر أعمال الحجّ مع النية، له مزيّة عليه.

وإذا أردت فهم هذا، فتأمل قول النبي : "من سأل اللَّه الشهادة خالصًا (٦) من قلبه بلغه اللَّه منازل الشهداء وإن مات على فراشه" (٧).


(١) ليست في الأصل، وأثبتها من النسخ الثلاث.
(٢) "صحيح البخاري" رقم (٧٥٢٩)، و"صحيح مسلم" رقم (٨١٥).
(٣) وقد سبق تخريجه ص (٤٨٢).
(٤) ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الثلاث الأخرى.
(٥) "ثواب من" ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الثلاث.
(٦) في النسخ الثلاث الأخرى: "صادقًا".
(٧) رواه مسلم في "صحيحه" رقم (١٩٠٩) من حديث سهل بن حنيف رضي اللَّه =

<<  <  ج: ص:  >  >>