للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا (١) أنفع منه في هذا الزمان، والخير كالخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر" (٢).

قالوا: وقد جعل اللَّه سبحانه المال سببًا لحفظ البدن، وحفظه سببًا لحفظ النفس التي هي محل معرفة اللَّه والإيمان به وتصديق رسله ومحبته والإنابة إليه، فهو سبب عمارة الدنيا والآخرة، وإنما يُذم منه ما استخرج من غير وجهه وصرف في غير حقّه، واستعبد صاحبه وملك قلبه وشغله عن اللَّه والدار الآخرة، فيذمّ منه ما يَتوسل به صاحبه إلى المقاصد الفاسدة أو شغله عن المقاصد المحمودة، فالذمّ للجاعل لا للمجعول.

كما قال النبي : "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم" (٣)، فذمّ عبدهما دونهما.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان عن يزيد بن ميسرة قال: "كان رجل ممن مضى جمع مالًا فأوعى، ثم أقبل على نفسه وهو في أهله، فقال: انعمي سنين. فأتاه ملك الموت، فقرع الباب في صورة مسكين، فخرجوا إليه، فقال: ادعوا لي صاحب الدار، فقالوا: يخرج سيدنا إلى مثلك؟! ثم مكث قليلًا، ثم عاد فقرع باب الدار وصنع مثل ذلك وقال: أخبروه أني ملك الموت. فلما سمع سيدهم قعد فزعًا،


(١) بعد هذه الكلمة في الأصل: "في زمان". وهي مكررة وحذفها موافق للنسخ الثلاث الأخرى.
(٢) روى ابن حبان في "روضة العقلاء" ص ٢٥٣ الشطر الأول منه.
ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ٣٨٠) عن يوسف بن أسباط عن الثوري قوله.
(٣) سبق تخريجه ص (٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>