للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقراء، وفرق بين اليدين شرعًا وقدرًا، وجعل يد المعطي أعلى من يد الآخذ، وجعل الزكاة أوساخ المال، ولذلك حرّمها على أطيب خلقه وعلى آله؛ صيانة لهم وتشريفًا ورفعًا لأقدارهم (١).

ونحن لا ننكر أن رسول اللَّه كان فقيرًا ثم أغناه اللَّه، وفتح عليه وخوّله ووسّع عليه، وكان يدّخر لأهله قوت سنة (٢)، ويعطي العطايا التي لم يعطها أحد غيره، وكان يُعطي عطاء من لا يخاف الفقر (٣)، ومات عن فدك والنضير وأموال خصّه اللَّه بها (٤)، وقال تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ﴾ [الحشر: ٧].

فنزّهه ربه سبحانه عن الفقر الذي يسوغّ أخذ الصدقة، وعوّضه عما نزّهه عنه (٥) بأشرف المال وأحلّه وأفضله، وهو ما أخذه بظلّ رمحه وقائم


(١) روى مسلم في "صحيحه" رقم (١٠٧٢) من حديث عبد المطلب بن ربيعة أن النبي قال: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس".
(٢) روى ذلك البخاري في "صحيحه" رقم (٥٣٥٧)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٧٥٧)، كلاهما من حديث عمر بن الخطاب .
(٣) روى مسلم في "صحيحه" رقم (٢٣١٢) من حديث أنس بن مالك قال: "ما سئل رسول اللَّه على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة".
(٤) انظر في فدك: "صحيح البخاري" رقم (٤٠٣٥)، و"صحيح مسلم" رقم (١٧٥٩)، من حديث عائشة .
وانظر في النضير: "صحيح البخاري" رقم (٢٩٠٤)، و"صحيح مسلم" رقم (١٧٥٧)، من حديث عمر بن الخطاب .
(٥) في الأصل: "به"، والمثبت من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>