للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ذكر اللَّه سبحانه في سورة الأنعام أعداءه وكفرهم وشركهم به وتكذيب رسله، ذكر بإثر ذلك شأن خليله إبراهيم، وما أراه من ملكوت السماوات والأرض، وما حاجّ به قومه في إظهار دين اللَّه وتوحيده، ثم ذكر الأنبياء من ذريته وأنه هداهم وآتاهم الكتاب والحكم والنبوة، ثم قال: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ [الأنعام: ٨٩].

فأخبر أنه سبحانه كما جعل في الأرض من يكفر به، ويجحد توحيده ويكذب رسله، كذلك جعل فيها من عباده من يؤمن بما كفر به أولئك، ويصدق بما كذبوا به، ويحفظ من حرماته ما أضاعوه، وبهذا تماسك العالم العلوي والسفلي، وإلا فلو اتبع الحق أهواء أعدائه لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، ولخرب العالم. ولهذا جعل سبحانه من أسباب خراب العالم رفع الأسباب الممسكة له من الأرض، وهي: كلامه، وبيته، ودينه، والقائمون به، فلا يبقى لتلك الأسباب المقتضية لخراب العالم أسباب تقاومها وتمانعها.

ولما كان اسمه "الحليم" أَدخل في الأوصاف، واسم "الصبور" في الأفعال، كان الحلم أصل الصبر، فوقع الاستغناء به في القرآن (١) عن اسم "الصبور"، واللَّه أعلم.


= (٩٠).
ولم أقف عليه في السنة للالكائي ولا في ذم الكلام للهروي ولا في التوحيد لابن خزيمة.
والأثر رواه أيضًا: أبو الشيخ في "العظمة" رقم (١١١)، (١٤٧)، والطبراني في "الكبير" رقم (٨٨٨٦)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١٣٧)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" رقم (٦٧٤).
(١) "في القرآن" ليست في الأصل، وأثبتها من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>