للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا كله مما أمر به أن يوصل.

ثم وصفهم بالحامل لهم على هذه الصلة، وهو خشيته وخوف سوء الحساب يوم المآب فقال: ﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (٢١)[الرعد: ٢١]. ولا يمكن أحدًا قط أن يصل ما أمر اللَّه بوصله إلا بخشيته، ومتى ترحلت الخشية من القلب انقطعت هذه الوُصَل.

ثم جمع لهم سبحانه ذلك كله في أصل واحد، هو آخية ذلك وقاعدته ومداره الذي يدور عليه وهو الصبر، فقال: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ﴾ [الرعد: ٢٢] فلم يكتفِ منهم بمجرد الصبر حتى يكون خالصًا لوجهه.

ثم ذكر لهم ما يعينُهم على الصبر وهو الصلاة، فقال: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ [الرعد: ٢٢]. وهما العونان على مصالح الدنيا والآخرة وهما الصبر والصلاة، قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)[البقرة: ٤٥] وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)[البقرة: ١٥٣].

ثم ذكر سبحانه إحسانهم إلى غيرهم بالإنفاق عليهم سرًّا وعلانية، فأحسنوا إلى أنفسهم بالصبر والصلاة، وإلى غيرهم بالإنفاق عليهم.

ثم ذكر حالهم إذا جُهل عليهم وأوذوا أنهم لا يقابلون ذلك بمثله بل يدرأون بالحسنة، فيحسنون إلى من يسيء إليهم، فقال: ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ (١) [الرعد: ٢٢].

وقد فُسِّر هذا الدرء بأنهم يدفعون الذنب بالحسنة بعده، كما قال


(١) الآية ليست في الأصل، وأثبتها من النسخ الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>