اختصم رجلان من العجم بلغتهما فطلبت البينة، طلب القاضي البينة، قالوا: ما عندنا بينة إلا شخص عربي ما ندري .. ، ما يفهم ويش إحنا نقول؟ فجيء بهذا العربي فسئل ماذا حصل؟ فذكر كل ما حصل حفظ، هو ما يدري إيش معناه؟ قال: هذا قال كذا ثم رد عليه هذا بكذا، وهذاك قال كذا ثم رد عليه .. ، حفظ، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} [(٤) سورة الجمعة] يوجد في بعض تراجم الناس في كتب التراجم يقول: "ومن فضل محفوظاته كتاب الأغاني"، هذا تكميل هذا، يعني حفظ المهمات كلها وما بقي عليه إلا الأغاني فحفظه، مطبوع في أربعة وعشرين مجلد كبار، نعم، وبعض الناس يكرر الفاتحة عشرات بل مئات ولا يستطيع أن يحفظ، فيقال له: اذكر الله بدل الفاتحة، أكثر من الذكر يوجه إلى هذا، وبعض الناس يعاني من ضعف الحافظة، كم من مسلم يتمنى أن لو حفظ القرآن ولا يتيسر له ذلك، إما بسببه وانشغاله وعدم اكتراثه واهتمامه، أو بتركيبه حيث جعل الله حافظة من الضعف بحيث لا يستطيع أن يحفظ ما يريد، والناس يتفاوتون، والحفظ نعمة من نعم الله -عز وجل- على العبد، ضريبتها شكرها، شكر هذه النعمة، وألا تستعمل إلا فيما يرضي الله -عز وجل-، بعض الناس يعرض عن النعم، مثل نعمة الحفظ، لكن إيش همه؟ همه يحفظ ما ذكر في الجرائد، أو ما قيل في الأخبار، ويردده في المجالس، أو يحفظ المقطعات الغنائية، أو غير ذلك مما يضره ولا ينفعه، والله المستعان.
أقول: هذه نعمة ينبغي أن تصرف فيما خلقت له هذه النعمة، كسائر النعم شكراً للمنعم، واعترافاً بفضل ذي الفضل، يوجد الآن –ولله الحمد- من يتجه إلى الحفظ، كان الناس يظنون أن حفظ الكتب الكبيرة أساطير ما يمكن، يعني حينما تذكر في تراجم أهل العلم يظنونها من باب المبالغة، يحفظ الكتب الستة ما هو بصحيح! لكن الناس أعداء لما يجهلون، هذا ينظر في محيطه، كنا إلى عهد قريب من ينتسب إلى العلم تجد أعظم ما يطمح إليه حفظ القرآن مع البلوغ والزاد وما أشبه ذلك على هذه المتون الصغيرة، وهذا فيه خير كثير، لكن الناس لما جربوا حفظ الكتب حفظوا، وجد أن الأمة ما زالت بخير ولله الحمد.